اعتبرها الشارع طرقا إلى الواقع بأدلّة حجّيّتها بوجه من الوجوه والاعتبارات ، والمفروض أنّ القطع معتبر من باب أنّه أحد الطرق من دون دخالة لتماميّة الكشف أو وصف القطع ، فتقوم الأصول المحرزة مقام القطع الطريقيّ المحض أو الماخوذ بنحو الطريقيّة.
لا يقال : إنّ الشك مأخوذ في موضوع الاصول المذكورة فكيف يمكن اعتبارها طرقا ؛ إذ لا يجتمع اعتبارها طرقا مع التحفّظ على الشك.
لأنّا نقول : إنّ المأخوذ هو الشكّ الوجداني ، وهو يجتمع مع الطرق التعبّديّة. نعم لا يجتمع مع الطرق الوجدانيّة كالعلم كما لا يخفى.
ودعوى : أنّ الظاهر من دليل الاستصحاب أنّ اليقين المذكور فيه قد اريد منه ما هو طريق إلى اليقين ، والمراد منه التعبّد ببقاء المتيقّن في زمان الشكّ ، كما يشهد له ـ مضافا إلى ظهوره بنفسه ـ الاستدلال بهذه القاعدة في أخبار الباب على الحكم ببقاء الطهارة الحدثيّة والخبثيّة. وعليه فلا يكون الاستصحاب من الاصول المحرزة ، بل مفاده هو التعبّد بالجري العملي على طبقه.
مندفعة : بأنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو إبقاء نفس اليقين وعدم الاعتناء بنفس الشكّ ، ولذا نقول بشموله للشكّ في الرافع ؛ لأنّ اليقين ممّا يكون فيه إبرام وإحكام ، فعند الشكّ في رفع ذلك يستصحب. نعم لازم إبقاء اليقين على حاله هو إبقاء المتيقّن على حاله.
وعليه فالاستدلال بهذه القاعدة في أخبار الباب على الحكم ببقاء الطهارة لا يكون شاهدا على أنّ المراد من دليل الاستصحاب هو إبقاء المتيقّن لا اليقين ، فتدبّر جيّدا.