وملخّصه : أنّه لا يخلو ذلك من تكلّف ، بل من تعسّف ، ولعلّ مراده من التكلّف منع الملازمة العرفيّة ، وقد عرفت الوجه في الملازمة العرفيّة.
ودعوى : أنّها مبتنية على دلالة الاقتضاء ، وهى إنّما تمّت فيما إذا كان دليل التعبّد بالواقع دليلا خاصّا بحيث إذا لم نلتزم بالتعبّد بالجزء الآخر كان لغوا ، لا ما إذا كان الدليل مطلقا ، فإنّه لا يلزم من عدم الالتزام بالتعبّد بالجزء الآخر اللغويّة. (١)
مندفعة : بأنّ بعض الوجوه وإن كان كذلك ولكنّ الوجه الأخير الذي ذكرناه ليس كذلك. نعم دعوى التكلّف والصعوبة أمر آخر.
ثمّ إنّ مراد صاحب الكفاية من التعسّف هو لزوم الدور ، وبيانه ـ كما في نهاية الدراية ـ : أنّ القطع بالواقع التنزيلي متأخّر طبعا عن الواقع التنزيلي ، والمفروض أنّ دلالة الدليل على تنزيل المؤدّى يتوقّف على دلالته بالملازمة على تنزيل القطع بالواقع التنزيلي ، مع أنّه لا واقع تنزيلىّ إلّا بهذا الدليل ، فكيف يعقل أن يكون أحد التنزيلين المتأخّر رتبة عن موضوعه المتأخّر رتبة عن التنزيل الآخر في عرض التنزيل الآخر؟!
وتمام السّرّ فيه : أنّ مرجع التنزيلين إلى تنزيل واحد وإثبات حكم مركب لمركّب آخر فلا بدّ من أن يكون الموضوع بجميع أجزائه وقيوده متقدّما في مرحلة موضوعيّة على الحكم ، مع أنّ بعض هذا المركّب لا ثبوت له في حدّ موضوعيّته إلّا بلحاظ هذا الحكم. (٢)
وفيه أنّ إشكال الدور ممنوع بما في تسديد الاصول من أنّ دلالته على تنزيل المؤدّى لا تتوقّف إلّا على عموم أو إطلاق دليل الاعتبار ، وهو حاصل على الفرض ،
__________________
(١) منتقى الاصول ٤ : ١٣.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٢١.