الجعل الأوّلي متكفّلا لبيان ذلك ، فلا بدّ من جعل آخر يستفاد منه نتيجة الإطلاق أو التقييد ، وهو المصطلح عليه بمتمّم الجعل.
فاستكشاف كلّ من نتيجة الإطلاق والتقييد يكون من دليل آخر ، وقد ادّعى تواتر الأدلّة على اشتراك الأحكام في حق العالم والجاهل ، ولكن تلك الأدلّة قابلة للتّخصيص ، وقد خصّصت في غير مورد كما في مورد الجهر والإخفات والقصر والاتمام حيث قام الدليل على اختصاص الحكم في حقّ العالم ، فقد أخذ العلم شرطا في ثبوت الحكم واقعا ، وكما يصحّ أخذ العلم بالحكم شرطا في ثبوت الحكم كذلك يصحّ أخذ العلم بالحكم من وجه خاص وسبب خاص مانعا عن ثبوت الحكم واقعا بحيث لا حكم مع العلم به من ذلك السبب ، كما في باب القياس حيث إنّه قام الدليل على أنّه لا عبرة بالعلم بالحكم الحاصل من طريق القياس ... إلى أن قال : وبعد الالتفات إلى هذا التصرّف لا يمكن أن يحصل للمكلّف علم بالحكم من طريق القياس ؛ إذ الحكم الواقعي قيّد بغير ما أدّى إليه القياس ، فكيف يمكن أن يحصل له العلم بالواقع من ذلك الطريق؟! ... إلى أن قال : وبذلك يمكن أن توجّه مقالة الاخباريّين من أنّه لا عبرة بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنّة بأن يقال : إنّ الأحكام الواقعيّة قيّدت بنتيجة التقييد بما إذا أدّى إليها الكتاب والسنّة ، ولا عبرة بغير ذلك ، فلا يرد عليهم أنّ ذلك غير معقول ، بل شيخنا الاستاذ مدّ ظله نفى البعد عن كون الأحكام مقيّدة بما إذا لم يكن المؤدّي إليها مثل الجفر والرمل والمنام وغير ذلك من الطرق الغير المتعارفة ... إلى أن قال : فتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ العلم إذا تعلّق بموضوع خارجيّ فالعلم بالنسبة إلى ذلك الموضوع يكون طريقا محضا ، وبالنسبة إلى أحكام ذلك الموضوع يمكن أن يكون طريقا ويمكن أن يكون موضوعا ، وإذا تعلّق بحكم شرعيّ فيمكن أن يكون بالنسبة إلى حكم آخر موضوعا كما أنّه يمكن أن يكون موضوعا بالنسبة إلى نفس ذلك الحكم لكن بنتيجة التقييد ، فتأمّل في أطراف ما