إمكان جعل الحكم الظاهري وعدمه ، بل البحث إنّما هو في الحكم الواقعي من حيث إنّه يمكن أخذ الظنّ بحكم في موضوع حكم (واقعيّ) آخر يضادّه أم لا ، كما هو الحال في القطع ، فإنّ الكلام فيه كان في إمكان أخذه في موضوع حكم (واقعيّ) مضادّ لمتعلّقه باعتبار الحكم الواقعي ؛ إذ لا يتصوّر فيه حكم ظاهريّ.
والصحيح أنّ أخذ الظنّ بحكم في موضوع حكم آخر مضادّ له غير ممكن وإن كان الظنّ غير معتبر ، وذلك لأنّ إطلاق الحكم الذي تعلّق به الظنّ يشمل صورة الظنّ به ، فلا يمكن أن يجتمع مع ضدّه المترتّب على الظنّ بالحكم.
وتوهّم أنّه يحتمل أن يكون الظنّ مخالفا للواقع ، فلا يكون هناك إلّا حكم واحد وهو ما أخذ الظنّ في موضوعه مدفوع بأنّه يكفي في الاستحالة احتمال مطابقته للواقع ، فإنّ احتمال اجتماع الضدّين أيضا محال كما هو ظاهر (١).
ويمكن أن يقال : إنّ وجه الاستحالة حيث كان استحالة اجتماع الانبعاث والانزجار بالنسبة إلى فعل واحد بحسب المنتهى أو استحالة اجتماع الإرادة والكراهة بالنسبة إلى فعل واحد بحسب المبادئ أمكن القول بعدم استحالة أخذ الظنّ غير المعتبر في موضوع حكم آخر مضادّ له ؛ إذ مع عدم اعتبار الظنّ لا حكم فعليّ للمظنون ، وعليه فلا يلزم اجتماع الإرادة والكراهة ، ولا اجتماع الانبعاث والانزجار ، بحسب المبادئ أو المنتهى. واجتماع الضدّين في مقام الجعل مع عدم لزوم استحالة في المبادئ أو مقام الامتثال ليس بمحال ؛ لما عرفت من أنّ الأحكام من الاعتباريّات لا الواقعيّات ، والاستحالة في مقام الجعل إنّما يكون باعتبار المبادئ أو مقام الامتثال ، والمفروض عدم اجتماعهما بحسبهما.
ودعوى كفاية احتمال المطابقة في الاستحالة مع عدم اعتبار الظنّ وفعليّة
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٩ ـ ٥٠.