من الموارد فلا بأس بمقالتهم.
وإن أرادوا منع الكبرى وتجويز النهي عن العمل بالقطع مع وجود حكم العقل بلزوم اتّباعه من دون عروض عنوان مزاحم ففيه منع ؛ لما عرفت من أنّ ذلك مستحيل ، للزوم المناقضة في الأحكام الشرعيّة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ كلّ مورد ورد النهي عن العمل بالقطع نستكشف عروض عنوان معه لا يحكم العقل ولا العقلاء بفعليّة الحكم ليتزاحم العنوان المذكور مع المقطوع ، فتدبّر جيّدا.
ملاحظة الملازمة بين الحكم العقليّ والشرعيّ
ينبغي أن نتكلم هنا في ما اشتهر من أنّه كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، وكلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل. وهذا يحتوي الملازمتين. وقد تصدّى السيد المحقق الخوئي قدسسره لبيان الملازمة الأولى وتحقيقها حيث قال في توضيحها ونقدها : إنّ إدراك العقل يتصوّر على أقسام ثلاثة :
الأوّل : أن يدرك العقل وجود المصلحة أو المفسدة في فعل من الأفعال فيحكم بالوجوب أو الحرمة لتبعيّة الأحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد عند أكثر الإماميّة والمعتزلة.
والصحيح في هذا الفرض أنّ حكم العقل غير مستلزم لثبوت الحكم الشرعي ؛ إذ قد تكون المصلحة المدركة بالعقل مزاحمة بالمفسدة وبالعكس ، والعقل لا يمكنه الإحاطة بجميع جهات المصالح والمفاسد والمزاحمات والموانع ، فبمجرّد إدراك مصلحة أو مفسدة لا يمكن الحكم بثبوت الحكم الشرعي على طبقها. وإن كان مراد الأخباريّين من عدم حصول القطع بالحكم الشرعي من المقدّمات العقليّة هذا المعنى فهو الحقّ.
والثانى : أن يدرك العقل الحسن أو القبح كإدراكه حسن الطاعة وقبح