التسلسل ، على أنّ لازم إنكار الحسن والقبح العقليين هو جواز الكذب في الوعد والوعيد ؛ إذ التخلّف فيهما لا يوجب اختلالا للنظام ؛ لأنّهما مربوطان بالآخرة ، واختلال النظام مربوط بعالم الدنيا ، والمفروض أنّ العقل لا يحكم بحسن ولا بقبح ، والتمسك بالتحسين والتقبيح شرعا يلزم منه الدور ؛ لعدم حكم العقل بقبح الكذب على الشارع ، فهذا القول يستلزم جواز الكذب على الله تعالى ، وهكذا جوازه على الأنبياء عليهم الصلوات والسلام ، ونعوذ بالله من ذلك.
فتحصّل صحّة الملازمة الثانية بالمعنى المذكور ، أي أنّ العقل بعد اطّلاعه وإحاطته على المصالح ومفاسد الأحكام ولو بالكشف الإنّي من ناحية نفس الأحكام الشرعية يحكم بما حكم به الشارع ؛ لأنّه يعلم أنّ الشارع لا يحكم بشيء من دون مصلحة أو مفسدة إذ الإسلام دين حكمة وصلاح.
موارد النهي عن العمل بالقطع
وقد عرفت ممّا مرّ إمكان ورود النهي عن العمل بالقطع فيما إذا اختلّ أسبابه أو عرض على المقطوع عنوان أهمّ آخر ؛ لأنّ الحجيّة من الأحكام العقليّة أو العقلائيّة ، وليست من الأمور القهريّة ، وليس لهم حكم في أمثال هذه الصور ، وهكذا إذا عرف الشارع اختلال الأسباب أو عروض عنوان أهمّ أمكن له أن ينهى عن العمل بالقطع في هذه الصور. هذا بحسب مقام الثبوت.
وأمّا بحسب مقام الإثبات فيمكن أن يقال : إنّ الروايات تنهى عن العمل بالقطع في بعض الموارد :
منها : الروايات الواردة في النهي عن العمل بالقياس فإنّ إطلاقها يشمل ما إذا أوجب القياس للقطع أيضا ، وإليك جملة منها :
روى في الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام : يقول إنّ أصحاب المقاييس طلبوا العلم