وحمل هذه الروايات على خصوص القياس الظنّيّ لا شاهد له ، بل هو مخالف لإطلاق الروايات. هذا مضافا إلى دلالة بعض الأخبار على أنّ ملاك النهي هو قصور العقل عن الإصابة إلى الدين ، وهو يعمّ كليهما ، ودلالة بعض آخر على أنّ أهل القياس طلبوا العلم بالمقائيس ولم يقربوا إلى الواقع ولو حصل العلم لهم ، ودلالة بعض آخر على أنّه لو فرضت الإصابة من ذلك الطريق لا توجب الأجر ، وصراحة الرواية الأخيرة في صورة القطع ، ودلالة قول أبان : «إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ونقول الذي جاء به شيطان» على أنّه حين قاس كان قاطعا وان زال يقينه بإرشاد الإمام عليهالسلام ، ولكنّ الإمام عليهالسلام نهى عن قياسه من دون تفصيل بين كونه موجبا للقطع وعدمه ، وإليك رواية أبان :
روي محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشرة من الإبل ، قلت قطع اثنين؟ قال : عشرون. قلت : قطع ثلاثا قال : ثلاثون. قلت : قطع أربعا قال : عشرون. قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ، إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ونقول الذي جاء به شيطان. فقال : مهلا يا أبان ، هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية فإذا : بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس والسنّة إذا قيست محقّ الدين. (١)
وكيف كان فمع قوّة الإطلاقات المذكورة وشمولها لصورة القطع لا مجال لدعوى
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٤ من ابواب باب الأعضاء ح ١.