معارضة الأخبار الناهية مع ما دلّ على لزوم اتّباع العلم لترجيح الأخبار الناهية عليها لو لم نقل بانصراف الأخبار الدالّة على لزوم اتّباع العلم عن مورد القياس.
وممّا ذكر يظهر ما في مباحث الحجج حيث ذهب إلى معارضة الأخبار الدالّة على النهي عن الرأي الذي يشمل بإطلاقه القطع بالدليل العقلي مع ما دلّت عليه الروايات والنصوص من لزوم اتّباع العلم وجواز القضاء أو العمل به وبراءة ذمّة العامل به من دون تقييد بالعلم الحاصل من دليل شرعيّ والتساقط ؛ لأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، فلا يبقى دليل على النهي المذكور. (١)
وذلك لما عرفت من ترجيح الأخبار الناهية عن القياس على الأخبار الدالّة على لزوم اتّباع العلم ؛ لأنّها معلّلات لو لم نقل بانصرافها عن القطع القياسي ، فتدبّر جيّدا.
ثمّ إنّ المستفاد من الأخبار المذكورة أنّ القياس المنهيّ هو الذي يكون مبنيّا على الشباهة والمقايسة التي تكون في أغلب الموارد غير مفيدة لواقعيّة الحكم ؛ لأنّ الشباهة ليست دليل وحدة الحكم ، بل هو في الحقيقة إسراء الحكم من مورد إلى مورد آخر.
وعليه فالأخذ بالعلل المنصوصة أو الحكم المنصوصة ؛ أو الدلالات الظاهرة من ألفاظ الكتاب خارج عن مورد القياس ولا تشمله النواهي ؛ لأنّ بناء ذلك على دلالات النصوص لا المشابهة والمقايسة ، كما أنّ إلغاء الخصوصيّة أو إدراج القيود ليس بقياس ، بل هو تنقيح موضوع الدليل فإلغاء قيد الدلو مثلا في نزح البئر وجواز مقداره بغير الدلو إلغاء خصوصيّة الدلو وتنقيح أنّ موضوع الدليل مقداره وليس بقياس ، وهكذا إدراج شيء في الموضوع بالدلالة العرفيّة كإدراج استقرار الحياة في
__________________
(١) مباحث الحجج ١ : ١٤٠ ـ ١٤١.