النفساني ، فإذا قال وهبتك هذا المال إن كنت ابن زيد مثلا لم يتحقّق الاعتبار منه ؛ إذ علّقه على أمر لا يدري حصوله ، فهو لا يدري أنّه تحقّق منه الاعتبار النفساني أم لا ، وهذا هو الترديد المنافي لقصد الإنشاء إجماعا.
وأمّا التردد في أنّ السبب الممضى شرعا هو هذا أو ذاك كما في موارد الاحتياط في العقود والإيقاعات فلا إشكال فيه ؛ إذ لا ترديد في الإنشاء الصادر من المنشئ ، بل هو جازم به غاية الأمر كونه متردّدا في أنّ السبب الممضى شرعا هذا أو ذاك ، فيجمع بينهما. (١)
ولا يخفى عليك أنّ البحث ليس مختصّا باحتمال دخالة قيد شرعيّ في المأمور به بخصوصه ، بل البحث أعمّ منه ، بمعنى أنّ مع احتمال قيد عرفيّ أيضا يأتي الكلام في أنّه يكفي التكرار والامتثال الإجماليّ أو يلزم الاطّلاع التفصيليّ على دخالة القيد وعدمها ثمّ الامتثال التفصيلي ، فالبحث ممحّض في أنّ الامتثال الإجمالي هل يكون كالامتثال التفصيلي مع اشتراكهما في الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه من دون فرق أو لا يكون؟.
والحقّ : أنّه لا فرق بينهما سواء كان في الإنشائيّات أو غيرها. ودعوى اعتبار الجزم في الإنشائيّات لا تتنافى مع الاكتفاء بالإجمالي ؛ لإمكان إتيان كلّ واحد من الأطراف جازما لا معلّقا ، فتدبّر جيّدا.
الجهة الثانية : في جواز الاكتفاء بالامتثال الإجمالي في العباديّات ، ولا يخفى عليك أنّ الاحتياط فيها إمّا لا يستلزم التكرار كما إذا دار الامر بين الأقلّ والأكثر ، أو يستلزم ذلك كما إذا دار الأمر بين المتباينين. وفي كلّ منهما يمكن الاكتفاء بالامتثال الإجمالي ؛ لصلاحية احتمال الأمر للامتثال لو لم نقل بأنّ الامتثال بمجرّد الاحتمال
__________________
(١) (مصباح الاصول ٢ / ٧٨)