وجوده لا يفيد الاعتبار والحجّيّة ؛ إذ الكلام في الحال في إمكان التعبّد بالظنّ وامتناعه ، ولا يمكن إثبات إمكان التعبّد بالظنّ بنفس الظنّ.
وثالثها : أنّه على تقدير حجّيّة بناء العقلاء على ترتيب آثار الإمكان عند الشكّ فيه لا حاجة إليه مع وجود أدلّة وقوع التعبّد بالظنّ ، كما لا فائدة في هذا البحث أصلا بدون أدلّة وقوع التعبّد بالظنّ ؛ إذ مع عدم الدليل على الوقوع لا يترتّب فائدة على البحث عن الإمكان ، مع أنّ البحث الاصولي لا بدّ فيه من ترتّب ثمرة عليه.
أجاب عنه في مصباح الاصول بأنّ الانصاف تماميّة ما ذكره الشيخ رحمهالله ، ولا يرد عليه شيء من هذه الإشكالات ؛ وذلك لأنّ ما ذكره صاحب الكفاية مبنيّ على أن يكون مراد الشيخ رحمهالله هو البناء على الإمكان مطلقا ، ولكنّ الظاهر أنّ مراده هو البناء على الإمكان عند قيام دليل معتبر على الوقوع ، كما إذا دلّ ظاهر كلام المولى على حجّيّة الظنّ ، ولا أقلّ من احتمال ذلك في كلام الشيخ رحمهالله.
وحينئذ تترتّب الثمرة على البحث عن الإمكان والاستحالة ؛ إذ على تقدير ثبوت الإمكان لا بدّ من الأخذ بظاهر كلام المولى والعمل بالظنّ. وعلى تقدير ثبوت الاستحالة لا مناص من رفع اليد عن الظهور ؛ للقرينة القطعيّة العقليّة ، ولا ينبغي الشكّ في أنّ بناء العقلاء في مثل ذلك على الإمكان والعمل بالظاهر ما لم تثبت الاستحالة ، فلو أمر المولى عبده بشىء وشكّ العبد في إمكان وجوبه واستحالته ؛ لاحتمال أن يكون ذا مفسدة ، واستحال أن يأمر المولى العالم الحكيم بما فيه المفسدة ، فاحتمل أن لا يكون ظاهر الكلام مراده ويكون أمره للامتحان أو غيره ممّا ليس فيه طلب جدّيّ ، فهل يشكّ أحد في بناء العقلاء على الأخذ بظاهر كلام المولى وعدم الاعتناء باحتمال الاستحالة؟! وهل يشكّ أحد في إمضاء الشارع لهذا البناء من العقلاء؟!