غير المجعولة وهي العلم وعليه فالتعبّد بالأمارات لا يوجب اجتماع الحكمين سواء كانا مثلين أو ضدّين إذ ليس المجعول إلّا الحكم الواقعي فقط والحجّيّة لا تكون مستتبعة لإنشاء أحكام التكليفيّة بحسب ما أدّى إليه الطريق بل إنّما تكون موجبة لتنجّز التكليف به إذا أصاب وصحّة الاعتذار به إذا أخطأ ، انتهى محصّله.
ولا يخفى عليك أنّ الظاهر من عبارته هو أنّ المجعول في الطرق والأمارات هو نفس الحجّيّة لا التنجيز والاعتذار بل هما من آثارها التي يحكم بها العقل كما في الحجّة غير المجعولة إذ موضوع حكم العقل أعمّ من الحجّة غير المجعولة.
وممّا ذكر يظهر ما في نهاية الدراية حيث قال : اعتبار المنجّزيّة للواقع لا يأبى عنه عبارة صاحب الكفاية.
ثمّ أورد عليه بأنّه إن اريد منه جعل الخبر موجبا للعقوبة على مخالفة الواقع المخبريّة كجعل العقاب ابتداء على مخالفة ما قام عليه الخبر فإنّه أيضا يصحّح انتزاع الحجّيّة بمعنى المنجّزيّة والموجبة للعقاب فكلاهما غير معقول إذ لا عقاب على مخالفة الواقع مع عدم الحجّة عليه عقلا أو شرعا فجعل الحجّيّة بنفس جعل العقاب المتوقّف على وجود الحجّة دورىّ ، وإن اريد من المنجّزيّة جعل حيثيّة يترتّب عليها تنجّز الواقع فالكلام في تلك الحيثيّة إلّا أنّ التعبير بالمنجّزيّة لا يأبى عن جعل حيثيّة يترتّب عليها الوقوع في تبعة المخالفة فإنّ التنجيز ليس إلّا إتمام العمل وجعل الواقع على حدّ يترتّب على مخالفته العقوبة (١).
وذلك لما عرفت من أنّ عبارة صاحب الكفاية أجنبيّة عمّا أسند إليه لأنّ الظاهر منها هو جعل الحجّيّة وقوله إنّما تكون الحجّيّة موجبة لتنجّز التكليف به الخ صريح في أنّ المجعول هو الحجّيّة والتنجّز والتعذير من آثارها وهكذا يظهر ما في
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ ، ٤٤ ـ ٤٣.