مصباح الاصول ، حيث قال : إنّ المجعول على مختار صاحب الكفاية في باب الأمارات هي الحجّيّة بمعنى التنجّز عند المصادفة والتعذير عند المخالفة.
ثمّ أورد عليه بأنّ التنجيز والتعذير بمعنى حسن العقوبة على مخالفة التكليف مع قيام الحجّة عليه وعدمه مع عدمه من الأحكام العقليّة غير قابلة للتخصيص (١).
وكيف كان فتوضيح اعتبار نفس الحجّيّة كما أفاد المحقّق الأصفهاني أنّ اعتبار نفس معنى الحجّيّة ليس إلّا كون الشيء بحيث يصحّ الاحتجاج به وهذا الحيثيّة تارة تكون ذاتيّة غير جعليّة كما في القطع فإنّه في نفسه بحيث يصحّ به الاحتجاج للمولى على عبده وأخرى تكون جعلية إمّا انتزاعية كحجّيّة الظاهر عند العرف وحجّيّة خبر الثقة عند العقلاء فإنّه بملاحظة بنائهم العملي على اتباع الظاهر وخبر الثقة ، والاحتجاج بهما يصحّ انتزاع هذه الحيثيّة من الظاهر والخبر.
وإمّا اعتباريّة كقوله عليهالسلام إنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله فإنّه جعل الحجّيّة بالاعتبار إلى أن قال : إذا عرفت ما ذكرناه في معنى الحجّيّة الاعتبارية والانتزاعيّة فاعلم أنّ الحجّيّة المجعولة بالاعتبار حيث إنّها أمر وضعيّ ليس بينه وبين الحكم الواقعي تماثل ولا تضادّ (٢).
ونظير ما ذهب إليه صاحب الكفاية هو ما حكي عن المحقّق النائيني قدسسره من أنّ المجعول في باب الطرق والأمارات هو مجرّد الطريقية والكاشفيّة بإلغاء احتمال الخلاف فلا يكون هناك حكم تكليفي حتّى يلزم اجتماع الضدّين بل حال الأمارة هي حال القطع لأنّ الشارع اعتبرها على في عالم التشريع فكما يكون العلم الوجداني منجّزا مع المطابقة ومعذّرا مع المخالفة فكذلك العلم التعبّدي يكون منجّزا ومعذّرا فكما لا مجال
__________________
(١) مصباح الاصول : ٢ ، ١٠٤.
(٢) نهاية الدراية : ٢ ، ٤٥ ـ ٤٤.