فانّ حمل المسح في المتعاطفين على حقيقته ، ظاهر. وحمل الوارد على الرجلين ، على الغسل الخفيف المتشابه (١) للمسح ـ كما قاله صاحب «الكشّاف» (٢) ـ مأوّل (٣). وكذا عطف «الأرجل» في قراءتي الجرّ والنصب ، على «الوجوه» ؛ لمرجوحيّة الجرّ ، الجواز ؛ وقبح قولنا : «ضربت زيدا وعمروا ، واكرمت خالدا ، وبكرا» ؛ بارادة انّ «بكرا» مضروب ، لا مكرم.
بين الاوّلين : اي : النصّ والظاهر.
محكم : وهو مطلق الرجحان ؛ سواء منع النقيض ، ام لا.
بين الاخيرين : اي : بين المأوّل والمجمل. وما به اشتراكهما ، هو (٤) نفي الرجحان.
وان دلّ على الطلب من مستعل : ليست لفظة «من» صلة للطلب ؛ بل ، المراد : انّ اللفظ ، ان دلّ على الطلب ـ حال كونه صادرا عن مستعل ـ فأمر. ولا يشترط العلوّ في نفس الامر ؛ لقوله ـ تعالى ـ حكاية عن قول «فرعون» لاصحابه : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)(٥). ويمكن جعله في هذه الآية للعلوّ الحقيقيّ. وربّما يفهم (٦) ذلك من كلام «الكشّاف» (٧).
__________________
(١) و : المشابه.
(٢) ابو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمّد الزمخشريّ. ولد سنة ٤٦٧ وتوفّي سنة ٥٣٨ من الهجرة. له تصانيف ؛ منها : اساس البلاغة ، الفائق فى غريب الحديث ، المفصّل ، ربيع الابرار ، الكشّاف ، القسطاس في العروض.
(٣) الكشّاف ١ / ٦١١ ـ ٦١٠.
(٤) و : ـ هو.
(٥) الاعراف / ١١٠ ، الشعراء / ٣٥.
(٦) د : فهم.
(٧) الكشّاف ٣ / ٣١٠.