وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمؤالف والمعادي والمخالف : أخرج الكلاباذي أنّ رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال : سل عليا هو أعلم مني ، فقال : أريد جوابك ، قال : ويحك كرهت رجلا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يغره بالعلم غرا. وكان أكابر الصحب يعترفون له بذلك ، وكان عمر يسأله عمّا أشكل عليه : جاءه رجل فسأله فقال : هاهنا علي فاسأله ، فقال : أريد أن أسمع منك يا أمير المؤمنين ، قال : قم لا أقام الله رجليك ، ومحا اسمه من الديوان. وصحّ عنه من طرق أنه كان يتعوّذ من قوم ليس هو فيهم ، حتى أمسكه عنده ولم يولّه شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل.
وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال : ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي؟ قال : لا والله.
وقال الحرالي : قد علم الأوّلون والآخرون أنّ فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي ، ومن جهل ذلك فقد ضلّ عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن القلوب الحجاب حتى يتحقّق اليقين الذي لا يتغيّر بكشف الغطاء. إلى هنا كلامه » (١).
وفيه : « أنا دار الحكمة ـ وفي رواية : أنا مدينة الحكمة ـ وعلي بابها ، أي علي ابن أبي طالب هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة وناهيك بهذه المرتبة ما أسناها وهذه المنقبة ما أعلاها ، ومن زعم ان المراد بقوله : وعلي بابها ـ أنه مرتفع من العلوّ وهو الارتفاع فقد تمحّل لغرضه الفاسد ، لا يجديه ولا يسمنه ولا يغنيه.
أخرج أبو نعيم عن ترجمان القرآن مرفوعا : ما أنزل الله عز وجل يا أيّها الذين آمنوا إلاّ وعلي رأسها وأميرها. وأخرج عن ابن مسعود قال : كنت عند النبي صلّى الله عليه وسلّم : فسئل عن علي كرّم الله وجهه فقال : قسّمت الحكمة عشرة أجزاء ، فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزء واحدا. وعنه أيضا : أنزل القرآن
__________________
(١) فيض القدير : ١ / ٤٦ ـ ٤٧.