أقرأ الأصحاب للقرآن ـ لو صحّ ـ لا يقتضى ذلك البتة.
الثاني : استدلاله بما نسب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه قال « وأقرؤهم أبي بن كعب » باطل ، لأن ذلك من أجزاء الحديث الطويل الذي أوضحنا كونه موضوعا بالتفصيل.
الثالث : لو سلّمنا صحة الحديث ، لكنه لا يقتضي تفضيل أبي على جميع الأصحاب في علم قراءة القرآن ، كما تشهد بهذا كلمات أعلام القوم ، حيث صرّحوا بكونه أقرأ « بالنسبة لجماعة مخصوصين أو وقت من الأوقات ، فإنّ غيره كان أقرأ منه » ... قاله المناوي في ( فيض القدير ) وانظر أيضا كلامه في ( التيسير ) وكلام نور الدين العزيزي في ( السراج المنير في شرح الجامع الصّغير ).
فظهر أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفضّله بعلم القرآن وقراءته ، فبطل ما ادّعاه العاصمي في هذا المقام أيضا.
ثم قال العاصمي : « وباب منها معاذ بن جبل ، لما فضّله النبي صلّى الله عليه وسلّم في العلم خاصة دون غيره ، قوله عليهالسلام : وأعلم أمّتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل ».
أقول : وهذه الدعوى باطلة كذلك لوجوه :
الأول : إنّ دعوى كون « معاذ بن جبل » بابا من أبواب مدينة العلم من غير نصّ صريح في ذلك عن مدينة العلم صلىاللهعليهوآلهوسلم تجاسر قبيح وتخرّص فضيح.