بالوحدانيّة بعد منعه من ذلك ، فأنا مدينة العلم في الأوامر والنواهي وفي السلم والحرب ، حتى جاهدت المشركين ، وعلي بن أبي طالب بابها ، أي : هو أوّل من يقاتل أهل البغي بعدي من أهل بيتي وسائر أمتي ، ولو لا أنّ عليا بيّن الناس قتال أهل البغي ، وشرع الحكم في قتلهم وإطلاق الأسارى منهم وتحريم سلب أموالهم وسبى ذراريهم ، لما عرف ذلك ، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم سنّ في قتال المشركين ونهب أموالهم وسبي ذراريهم ، وسنّ عليّ في قتال أهل البغي أن لا يجهز على جريح ولا يقتل الأسير ولا تسبى النساء والذريّة ولا تؤخذ أموالهم ، وهذا وجه حسن صحيح.
ومع هذا ، فقد قال العلماء من الصّحابة والتابعين وأهل بيته : بتفضيل علي ، وزيادة علمه ، وغزارته ، وحدّته فهمه ووفور حكمته ، وحسن قضاياه وصحّة فتواه ، وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصّحابة يشاورونه في الأحكام ، ويأخذون بقوله في النقض والإبرام ، اعترافا منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه ، وليس هذا الحديث في حقّه بكثير ، لأنّ رتبته عند الله عزّ وجل وعند رسوله وعند المؤمنين من عباد أجلّ وأعلى من ذلك » (١).
قال الخطيب : « أخبرنا أبو طالب يحيى بن علي الدسكري قال : أخبرنا أبوبكر بن المقري قال : ثنا أبو الطيب محمد بن عبد الصّمد الدقاق قال : حدثنا أحمد ابن عبيد الله أبو جعفر المكتّب قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : ثنا سفيان عن عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبيّة وهو آخذ بيد علي : هذا أمير
__________________
(١) كفاية الطالب : ٢٢٢.