له باب في الزهد من تلك المدينة وجعل له أيضا باب الصدق ، قوله صلّى الله عليه : ما حملت الأرض ولا أظلّت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر ، فجعل له بابين باب الصدق وباب الزهد. والزهد في الدنيا جامع للعلم كله ... ».
ونقول : في كلامه وجوه من النّظر :
ذكر العاصمي حول أبي ذر أنّه « ينبغي أن يكون له باب في الزهد من تلك المدينة » وهذه العبارة تختلف عن عبارته حول الصّحابة الآخرين الذين جعل لهم أبوابا على سبيل الجزم ، فإن أراد من « ينبغي » معناه الحقيقي ، فهذا لا ينافي مطلوب الشيعة ومقصودهم ، لأنّهم يذعنون بجلالة قدر سيدنا أبي ذر رضياللهعنه وبلوغه الذروة العليا في الزهد والورع ، وإن أبا ذر عند الشيعة الامامية ممّن أتى مدينة العلم من بابها ، وحصل له من الشأن والمقام الرفيع ما لم يحصل إلاّ لأفراد معدودين من أصحاب سيّد المرسلين صلوات عليه وآله أجمعين.
وإن أراد من « ينبغي » معناه المجازي ، وقصد إثبات باب لأبي ذر كما زعم ذلك لغيره ففيه :
أوّلا : إنّه لا يجوز جعل أحد من الصحابة بابا لتلك المدينة الاّ بنص صريح من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو كان ذاك الصحابي كثير الفضائل وجليل القدر.
ثانيا : كون الرجل بابا لهذه المدينة شرف عظيم يستلزم العصمة كما دريت فيما سبق ، وأبو ذر الغفاري رضياللهعنه على جلالته وعظمته بين الفريقين غير معصوم اجماعا.
ثالثا : إن باب المدينة متّحد مع المدينة ، وأبو ذر وان بلغ المقامات الرفيعة والدرجات الشامخة لم يصل إلى مقام الاتحاد مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في