الثاني : استدلاله بجملة « وأفرض أمتي زيد بن ثابت » واضح البطلان ، لأنّ هذه الجملة من أجزاء الحديث الطويل الذي بيّنا كونه موضوعا بالتفصيل سابقا.
الثالث : مقتضى هذه الجملة الموضوعة اختصاص علم الفرائض بزيد بن ثابت أو كونه الأفضل فيه من بين جميع الأصحاب ، أمّا اختصاصه به بحيث لم يكن لغيره حظ من هذا العلم فواضح البطلان. وأمّا كونه الأفضل فيه فلا سبيل إلى إثباته ، بل لقد صرّح المحققون من أهل السّنة بأن معناه صيرورة زيد أفرض الأمّة بعد انقراض عظماء الصحابة ، بل يتضّح بطلان هذا الكلام بما نقل المناوي عن ابن عبد الهادي من أنه لم يكن زيد في عهد المصطفى مشهورا بالفرائض أكثر من غيره ، ولا اعلم انه تكلّم فيها على عهده ولا على عهد أبي بكر ... قال المناوي : « وأعلمهم بالحلال والحرام. أي بمعرفة ما يحل ويحرم من الأحكام معاذ بن جبل الأنصاري ، يعني أنه يصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة وأكابرهم ، وإلاّ فأبوبكر وعمر وعلي أعلم منه بالحلال والحرام ، وأعلم من زيد بن ثابت بالفرائض. ذكره ابن عبد الهادي ، قال : ولم يكن زيد في عهد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم مشهورا بالفرائض أكثر من غيره ، ولا أعلم أنه تكلّم فيها على عهده ولا على عهد أبي بكر رضياللهعنه » (١).
وفي ( التيسير ) : « أي : إنه سيصير كذلك بعد انقراض أكابر الصحابة. والاّ فعلي وأبوبكر وعمر أفرض منه »
فظهر بطلان دعوى العاصمي وقوله : « لما فضّله النبي ... ».
ثم قال العاصمي : « وباب منها أبو عبيدة بن الجراح في الأمانة في
__________________
(١) فيض القدير ١ / ٤٦٠.