ولا يخفى غرضهم من هذا التحريف وما يؤول إليه معنى العبارة على النّبيه ... ولكنّ هذا التحريف لم يلق رواجا بل جاءت عبارة الترمذي على أصلها وواقعها لدى المحدثين ، كما في ( المشكاة ) و ( نقد الصحيح ) و ( أسنى المطالب ) و ( جمع الجوامع ) و ( كنز العمّال ) و ( معارج العلى ) وغيرها ...
توهّم النووي
ونقل النووي عن التّرمذي في ذيل كلامه أنّه قال « وروي مرسلا » وهذا أيضا وهم صريح ، فقد قال الترمذي ـ بعد أن أخرج حديث : أنا دار الحكمة بسنده عن شريك عن سلمة عن سويد عن الصنابحي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ « روى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكروا فيه عن الصنابحي » (١) فتوهّم النووي من قوله « ولم يذكروا فيه عن الصنابحي » كونه مرسلا ، والحال أن هذا لا يوجب الإرسال ، لأن « سويد بن غفلة » تابعي مخضرم ، أدرك الخلفاء الأربعة وسمع منهم الحديث ، فحديثه عن أمير المؤمنين عليهالسلام بلا واسطة متصل لا منقطع ، فذكر الترمذي أو غيره « الصنابحي » فيه من المزيد في متصّل الأسانيد ، وكأنّ النووي قد غفل عن هذا فزعم إرساله ، لكن صرّح به الحافظ العلائي ـ كما دريت سابقا ـ حيث قال « ولا يرد عليه رواية من أسقط منه الصنابحي ، لأنّ سويد بن غفلة تابعي مخضرم أدرك الخلفاء الأربعة وسمع منهم ، فذكر الصنابحي ، فيه من المزيد في متّصل الأسانيد » ... وكذا صرّح به الفيروزآبادي أيضا في ( نقد الصحيح ) ...
__________________
(١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٦.