على صحّة هذين الحديثين ليجوز له الاحتجاج بهما.
ولا يخفى أنّ الشّواهد على ما ذكرنا من اعتبار إقرار الخصم دون دعواه ـ إلاّ مع الدليل ـ كثيرة جدا ، لكنّا نكتفي هنا بذكر واحد منها ، وذلك ما جاء في ( تاريخ الخلفاء ) حيث قال : « وأخرج عن إبراهيم بن الحسن قال قال المدائني للمأمون : إن معاوية قال : بنو هاشم أسود وأحداء ونحن أكثر سيدا ، فقال المأمون : إنّه قد أقرّ وادّعى ، فهو في ادّعائه خصم وفي إقراره مخصوم » (١).
فظهر أنّ ما أراده ( الدهلوي ) من إلزام أهل الحق ـ الذين يحتجون برواية أهل السنة فضائل الامام عليهالسلام ـ بقبول « ما صبّ الله ... » وغيره من الخرافات لا يلتفت إليه أدنى التفات ...
ولقد قال رشيد الدين خان تلميذ ( الدهلوي ) في ( الشوكة العمرية ) : « إنّه وإن كان الأئمة الأطهار عليهمالسلام ـ بمقتضى الأحاديث التي ذكرها صاحب الرسالة وغيرها من الأحاديث الشائعة المستفيضة ـ سادة الأمّة ، وإن أخبار أولئك الأخيار هي مفاتيح المغلقات ومصابيح الظلمات ومصادر الحكمة ومظاهر الشريعة ، إلاّ أنّ الكلام في أسانيد تلك الأخبار ، وكثيرا ما يكون رواة إحدى الفرق لديهم مأمونين ولدي غيرهم مطعونين ، ولذا ترى كلّ فرقة صحّة ما ورد عن طريق رواتها وتقدح ما ورد عن طريق رواة الفرقة المخالفة لها ».
فمن العجيب تغافل ( الدهلوي ) عن هذا الأصل الذي ذكره تلميذه في مقام البحث والمناظرة ... فيطالب الشيعة بقبول « ما صبّ الله ... » وأمثاله من الخرافات ، في مقابل احتجاجهم بروايات أهل السّنة في باب فضائل أمير المؤمنين
__________________
(١) تاريخ الخلفاء : ٣٢٥.