وعند ما صالح أبو عبيدة أهل قنّسرين ظنّ عمر به الظنون ، وحسب أنه قد داخله جبن وركن الى القعود عن الجهاد ، فكتب إليه كتابا يتوعّده فيه ويحذّره المعصية ... ومن الواضح أنه لو كان أبو عبيدة « أمين الأمّة » لما كان ذلك من عمر ، ولما جاز له أن يظنّ به الظنون ...
قال الواقدي : « فقام ابو عبيدة على حمص يغار يمينا وشمالا ، ينتظر خروج السّنة ، ثم ينظر ما يفعل بعد ذلك ، وأبطأ خبر أبي عبيدة على عمر رضياللهعنه ، إذ لم ير له كتابا ولا فتحا ، فأنكر ذلك من أمره ، وظن به الظنون ، وحسب أنه قد داخله جبن وركن إلى القعود عن الجهاد ، فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى أبي عبيدة بن الجراح : سلام عليكم ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو ، وأصلّي على نبيّه ، وآمرك بتقوى الله وأحذّرك معصيته ، وأنهاك أن تكون ممن قال الله فيهم في كتابه : ( قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ ) الآية. وصلّى الله على خاتم النبيين. ونفذ الكتاب إليه.
فلما قرأه على المسلمين علموا أنه يحرّضهم على الجهاد ، ندم أبو عبيدة على ما صالح أهل قنسرين. ولم يبق أحد من المسلمين إلاّ بكى من كتاب عمر رضياللهعنه ».
وقد خالف أبو عبيدة أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في التقليل من الخيل والخدم ، فملأ بيته رقيقا ومربطة خيلا ، حتى كان يبكي ويقول : كيف ألقى رسول الله ...؟!