الثاني : استشهاده بما نسب إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل » يبطله كون هذا من الحديث الطويل الثابت وضعه واختلاقه على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثالث : إن كون معاذ بن جبل بابا من أبواب المدينة إنّما يثبت في حال اختصاص علم الحلال والحرام به دون غيره من الأصحاب ، او إثبات كونه مبرّزا من بينهم في هذا العلم ، وكلا الأمرين غير ثابت ، فإن كونه مخصوصا بهذا العلم دونهم ـ بأن يكون هو العالم بهذا العلم وليس لغيره منهم نصيب منه ـ ظاهر البطلان جدّا ، ولا يلتزم به أحد من أهل السنة أبدا. وأمّا الأمر الثاني فغير ثابت كذلك ، لتنصيص العلماء المحققين على أنه « يصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة وأكابرهم » قال المناوي ( فيض القدير ) : « يعني انه يصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة وأكابرهم ، وإلاّ فأبوبكر وعمر وعلي أعلم منه بالحلال والحرام ... » وفي ( التيسير ) : « يعني : سيصير أعلمهم بعد انقراض أكابر الصحابة » وقال العزيزي « يعني سيصير أعلمهم بعد انقراض أكابر الصحابة ».
الرابع : إنه مع قطع النظر عمّا تقدّم هناك في أمهات مصادر أهل السّنة شواهد على جهل معاذ بالحلال والحرام ، ومعها تبطل دعوى العاصمي من أصلها ... ومن ذلك ما رواه ابن سعد بترجمته حيث قال :
« أخبرنا عبيد الله بن موسى ، أنا شيبان ، عن الأعمش ، عن شقيق قال : استعمل النبي صلّى الله عليه وسلّم معاذا على اليمن ، فتوفي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم واستخلف أبوبكر وهو عليها وكان عمر عامئذ على الحج ، فجاء معاذ إلى مكة ومعه رقيق ووصفاء على حدة. فقال له عمر : يا أبا عبد الرحمن لمن هؤلاء الوصفاء؟ قال : هم لي. قال : من أين هم لك؟ قال : أهدوا لي. قال : أطعني