عبيدة لا يخبره ، حتى إذا طال على عمر أن يقدم ظنّ للذي قد كان ، فكتب إليه بالإقبال ، فأتى خالد أبا عبيدة فقال : رحمك الله ما أردت إلى ما صنعت!! كتمتني أمرا كنت أحبّ أن أعلمه قبل اليوم.
فقال أبو عبيدة : إني والله ما كنت لأروّعك ما وجدت لذلك بدّا ، وقد علمت أنّ ذلك يروّعك. قال : فرجع خالد إلى قنسرين فخطب أهل عمله وودّعهم وتحمل ، ثم أقبل إلى حمص فخطبهم وودّعهم ، ثم خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر فشكاه وقال : لقد شكوتك إلى المسلمين ، وبالله إنك في أمري غير مجمل يا عمر.
فقال عمر : من أين هذا الثراء؟ قال : من الأنفال والسهمان ما زاد على الستين ألفا فلك. فقوّم عمر عروضه ، فخرجت إليه عشرون ألفا فأدخلها بيت المال. ثم قال : يا خالد والله إنك عليّ لكريم وإنك إليّ لحبيب ، ولن تأتيني بعد اليوم على شيء » (١).
وقد رواه عز الدين ابن الأثير في تاريخه كذلك (٢).
وممّا ينافي الأمانة ويؤكّد وضع الحديث الموضوع في أمانة أبي عبيدة : تهاونه في إجراء حدّ شرب الخمر في أبي جندل وصاحبيه ، فإن التهاون تجاه الحدود الإلهيّة خيانة كبيرة وذنب عظيم. قال ابن عبد البر بترجمة أبي جندل : « وذكر عبد الرزاق عن ابن جريح قال : أخبرت أن أبا عبيدة بالشّام وجد أبا جندل بن سهيل وضرار ابن الخطاب وأبا الأزور ـ وهم من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قد
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٦٦.
(٢) الكامل في التاريخ ٢ / ٥٣٥.