وسعة دار الحكمة ، ولقد بلغت سعة هذا الباب حدّا تقصر عنه عقول الحكماء وعبارات البلغاء ... وسيأتي مزيد بيان لهذا في غضون الكتاب ، وبه صرّح ابن حجر المكي حيث قال :
« مما يدلّ على أنّ الله سبحانه اختص عليا من العلوم بما تقصر عنه العبارات قوله صلّى الله عليه وسلّم : أقضاكم علي. وهو حديث صحيح لا نزاع فيه ، وقوله : أنا دار الحكمة ـ وفي رواية : مدينة العلم ـ وعلي بابها » (١).
وتدلّ الأخبار الكثيرة الواردة في كتب أهل السنة على أن تعدّد أبواب الجنة وتعيينها هو بحسب أفعال الخير الصادرة من أهل الجنة في دار الدنيا ، وليس ذلك بحسب سعة الجنة حتى يقال بأن دار الجنة ليست بأوسع من دار الحكمة ، ولها ثمانية أبواب ، فيلزم أن يكون لدار الحكمة ثمانية أبواب كذلك أو أكثر ... ولا بأس بذكر نصوص من هذه الأخبار :
قال السّيوطي : « باب عدد أبواب الجنة وأسمائها : قال الله تعالى ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ).
أخرج الشيخان عن سهل بن سعد : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : في الجنة ثمانية أبواب ، منها : باب الرّيان ، لا يدخله إلاّ الصائمون ، وفي لفظ : إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل معهم أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون؟ فيدخلون منه ، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد.
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة نحوه.
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :
__________________
(١) المنح المكية : ١٢٠.