العلوم ، ومن هنا قال ابن حجر المكي : « تنبيه ـ ممّا يدلّ على أنّ الله سبحانه اختص عليا من العلوم بما تقصر عنه العبارات : قوله صلّى الله عليه وسلّم : أقضاكم علي. وهو حديث صحيح لا نزاع فيه ، وقوله : أنا دار الحكمة ـ وفي رواية ـ مدينة العلم وعلي بابها » (١) حيث جعل كلا من حديث « مدينة العلم » وحديث « أقضاكم علي » دالا على أنّ الله سبحانه اختص عليا من العلوم بما تقصر عنه العبارات ...
واستند العاصمي في هذا الكلام إلى حديث : أرحم أمتي أبوبكر ... وهو من الأكاذيب الموضوعة والأباطيل المصنوعة ، حسب اعتراف كبار حفّاظ أهل السّنة ومشاهير علمائهم ، كما سنوضّح ذلك عن قريب.
ولمّا كان هذا الحديث مما وضعته ألسنة المفترين وصنعته أيدي الوضّاعين والكذّابين ، نجد الاختلاف الفاحش في ألفاظه ، فهو في بعضها كذب من أوّله إلى آخره ، وفي بعضها يشتمل على بعض الجمل الصادقة الصادرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حق علي عليهالسلام وبعض خواص أصحابه ، وهي فضائل واردة في أحاديث صحيحة خلطتها أيدي الخيانة مع هذا الحديث الموضوع لغرض التغطية. ولنرفع السّتار عن ذلك بالإجمال فنقول :
لقد رووا هذا الحديث عن أنس بن مالك ، وأخرجه الترمذي وابن ماجة من أصحاب الصحاح ... قال الترمذي : « مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت
__________________
(١) المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية : ١٢٠.