( الوجه الخامس ) قول العاصمي : « والأمانة لا تؤدّى إلاّ بالعلم » ممنوع ، فأيّ ملازمة بين العلم والأمانة؟ إنّ « الأمانة » منفكّة عن « العلم » بالقطع والوجدان ، وعلى هذا ، فلو سلّمنا كون أبي عبيدة أمينا فلا دليل على كون أدائه للأمانة بالعلم ...
( الوجه السادس ) إنه مع غض النظر عن جميع ما ذكرنا : إذا كان أبو عبيدة باب مدينة العلم في الأمانة ، كان من المناسب وصول أخبار الأمانة وأحكامها عن مدينة العلم عن طريق أبي عبيدة ، ولا أقل من وصول جلّها عن طريقه ، ولكن لم يؤثر عن أبي عبيدة شيء في هذا الباب بتلك المثابة ، ولم يدّع احد من أهل السّنة ذلك أبدا ، فكيف يجوز أن يكون باب مدينة العلم في الأمانة؟
( الوجه السابع ) إنه مع التنزّل عما سبق كله نقول : إذا كان أبو عبيدة باب مدينة العلم في الأمانة أليس كان من اللازم أن تكون آثار الأمانة وعلائمها لائحة في سيرته وأعماله ، فيكون بابا للمدينة في الامانة بحسب سيرته وأفعاله ، ويكون حاكيا لأمانة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أعماله وأقواله؟!
( الوجه الثامن ) لو تنزلنا عن ذلك فلا أقلّ من نزاهة هذا الرجل وبراءته عن كلّ ما يتنافى والأمانة ... إن هذا أقلّ ما يرجى ممّن يتصف بالأمانة ، ويريد أن يكون بابا لمدينة العلم في هذه الصفة ...
لكن التأمّل في سيرة أبي عبيدة والتدبّر في أخباره وأحواله يظهر لنا بعد هذا الرجل عن هذه الصفة ، وعدم لياقته لتلك المنزلة ... وقد تقدّمت عما قريب نماذج تغنينا في هذا المقام. وبالله التوفيق.
قال العاصمي في نهاية كلامه : « ثمّ قال لأبي ذر رضياللهعنه في غير هذا الحديث : من أراد أن ينظر إلى بعض زهد عيسى فلينظر إليه. فينبغي أن يكون