« باب ما جاء في هدايا الأمراء. حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن المغيرة بن شبيل ، عن قيس بن أبي حازم ، عن معاذ ابن جبل قال : بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى اليمن ، فلمّا سرت أرسل في أثري فرددت فقال : أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبنّ شيئا بغير إذني ، فإنّه غلول ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة. لهذا دعوتك. فامض لعملك.
قال : وفي الباب عن عدي بن عميرة ، وبريدة ، والمستورد بن شداد ، وأبي حميد ، وابن عمر » (١).
فإن هذا الحديث نهى قاطع مع التحذير والتّخويف الشديدين ، وينبغي أن يعدّ هذا الحديث من معاجز النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومن آيات نبوّته ، حيث يظهر منه علمه بما سيرتكبه معاذ في مسيره هذا ، فمنعه عن ذلك من ذي قبل ، وذكّره بحرمة إصابة شيء من تلك الأموال ، ولكنّ ذلك كلّه لم ينفع معاذا ولم يردعه عن التّصرف في الأموال.
وممّا ارتكبه معاذ جهلا بالأحكام اتّجاره في مال الله الذي كان بيده « وكان أوّل من اتّجر في مال الله » حتى ذكّره عمر فأبى ، إلى أن رأى في منامه ما رأى ، وإليك نصّ الخبر الوارد بترجمته حيث قال ابن عبد البر :
« حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا ابن المفسّر ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن الزهري ، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : كان معاذ بن جبل شابا جميلا أفضل من شباب قومه سمحا لا يمسك ، فلم يزل يدّان حتى أغلق ماله من الدين ،
__________________
(١) صحيح الترمذي ٣ / ٦٢١.