وأرسل بهم إلى أبي بكر ، فإن طيّبهم لك فهم لك. قال : ما كنت لأطيعك في هذا ، شيء أهدي لي أرسل بهم إلى أبي بكر؟! قال : فبات ليلة ثم أصبح فقال : يا ابن الخطاب ما أراني إلاّ مطيعك ، إني رأيت اللّيلة في المنام كأنّي أجّر وأقاد ـ أو كلمة تشبهها ـ إلى النار وأنت آخذ بحجزتي! فانطلق بي وبهم إلى أبي بكر. فقال : أنت أحق بهم. فقال أبوبكر : هم لك. فانطلق بهم إلى أهله فصفّوا خلفه يصلّون. فلما انصرف قال : لمن تصلّون؟ قالوا : لله تبارك وتعالى. قال : فانطلقوا فأنتم له » (١).
وفيه أيضا : « أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني عيسى بن النعمان ، عن معاذ ابن رفاعة ، عن جابر بن عبد الله قال : كان معاذ بن جبل ـ رحمهالله ـ من أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا وأسمحه كفّا ، فادّان دينا كثيرا ، فلزمه غرماؤه حتى تغيّب منهم أيّاما في بيته ، حتى استأدى غرماؤه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى معاذ يدعوه ، فجاءه ومعه غرماؤه ، فقالوا :
يا رسول الله خذلنا حقّنا منه.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : رحم الله من تصدّق عليه.
قال : فتصدّق عليه ناس وأبى آخرون وقالوا : يا رسول الله ، خذلنا حقّنا منه.
فقال رسول الله : اصبر لهم يا معاذ.
قال : فخلعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ماله فدفعه إلى غرمائه فاقتسموه بينهم فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم.
قالوا : يا رسول الله بعه لنا.
قال لهم رسول الله « ص » : خلّوا عنه فليس لكم إليه سبيل.
__________________
(١) الطبقات ٣ / ٥٨٥.