الأول : إنّ الله تعالى سمّى العلم بالحكمة ، ثم أنّه تعالى عظّم أمر الحكمة ، وذلك يدل على عظم شأن العلم.
الثاني : قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ).
الثالث : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) المراد بأولي الأمر العلماء في أصحّ الأقوال ، لأن الملوك يجب عليهم طاعة العلماء ولا ينعكس.
ثم انظر إلى هذه المرتبة ، فإنه تعالى ذكر العالم في موضعين من كتابه في المرتبة الثانية قال : ( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) وقال : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ثم إنّه سبحانه وتعالى زاد في الإكرام فجعلهم في المرتبة الأولى في آيتين فقال تعالى : ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) وقال تعالى : ( كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ).
الرابع : ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ).
واعلم أنه تعالى ذكر الدرجات لأربعة أصناف ، أوّلها : للمؤمنين من أهل بدر قوله : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) إلى قوله : ( لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) والثانية : للمجاهدين قوله : ( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ ) والثالثة : للصالحين : ( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى ) والرابعة : للعلماء( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ).
فالله تعالى فضّل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات ، وفضّل المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ، وفضّل الصالحين على هؤلاء بدرجات ، ثم فضّل العلماء على جميع الأصناف بدرجات.
فوجب كون العلماء أفضل الناس.
الخامس : قوله : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) وإن الله تعالى وصف