قال الله تعالى في كتابه العزيز( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ).
قال الرازي :
« اعلم أنّ الملائكة لمّا سألوا عن وجه الحكمة في خلق آدم وذرّيته ، وإسكانه تعالى إيّاهم في الأرض ، وأخبر الله تعالى عن وجه الحكمة في ذلك على سبيل الإجمال بقوله تعالى : ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) أراد تعالى أن يزيدهم بيانا وأن يفصّل لهم ذلك المجمل ، فبيّن تعالى لهم من فضل آدم عليهالسلام ما لم يكن ذلك معلوما لهم ، وذلك بأن علّم آدم الأسماء كلّها ثم عرضهم عليهم ، ليظهر بذلك كمال فضله وقصورهم عنه في العلم ، فيتأكّد ذلك الجواب الإجمالي بهذا الجواب التفصيلي » (١).
قال : « المسألة السادسة : هذه الآية دالّة على فضل العلم ، فإنه سبحانه ما اظهر كمال حكمته في خلقة آدم عليهالسلام إلاّ بأن أظهر علمه ، فلو كان في الإمكان وجود شيء أشرف من العلم لكان من الواجب إظهار فضله بذلك الشيء لا بالعلم » (٢).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١ / ١٧٥.
(٢) المصدر : ١ / ١٧٨.