وقس شبرك بفترك ، وألزم بيتك ، وابك على خطيئتك ، فإنّ ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك ، وردّ هذا الأمر إلى حيث جعله اللّه عزّ وجلّ ورسوله [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] ولا تركن إلى الدنيا ، ولا يغرّنك من قد ترى من أوغادها ، فعمّا قليل تضمحلّ عنك (١) دنياك ، ثمّ تصير إلى ربّك فيجزيك بعملك ، وقد علمت أنّ هذا الأمر لعلي ، وهو صاحبه بعد رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] .. وقد نصحتك إن قبلت نصحي (٢).
ثمّ قام بريدة الأسلمي ، فقال : يا أبا بكر! نسيت أم تناسيت ، أم خدعتك (٣) نفسك ، أما تذكر إذ أمرنا رسول اللّه (ص) ، وسلّمنا (٤) على علي بإمرة المؤمنين ـ
__________________
ولا تحمل عليها أكثر ممّا تطيق.
وقال في أساس البلاغة : ٢١٧ : واربع على نفسك : تمكّث وانتظر.
والمثل قد يأتي : اربع على ظلعك .. أي : ابق على غمزك .. يضرب في النهي عن التحمل فوق الطاقة ، كما قاله في المستقصى ١/١٣٨ برقم ٥٣٣.
وذكر له ابن الأثير في النهاية ٢/١٨٧ تأويلان ووجوه ، فراجعها.
(١) لا توجد : عنك ، في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار.
(٢) وللمقداد طاب ثراه مواقف رائعة أمام العصبة الغاصبة ؛ منها ما قاله حين أبعد القوم أبي ذر إلى الربذة ـ كما أورده مفصلا المسعودي في مروج الذهب ٢/٣٤٣ ـ وقوله : لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي إيّاهم مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم بدر .. ولاحظ ما أورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٩/٢١ عنه رحمه اللّه .. وغيره.
(٣) في الخصال ـ وعنه في بحار الأنوار ـ : خادعتك.
(٤) في الطبعة الحروفية من بحار الأنوار والخصال : فسلمنا.