وبالجملة ؛ فحيث كانت الحاجة إلى علم الرجال من باب المقدميّة لتحصيل الاطمئنان بالحكم الشرعي واستفراغ الوسع في ذلك ، لزم المجتهد استفراغ وسعه في أحوال الرجال أيضا ، ولم يجز له الاعتماد على تصحيح الغير مع إمكان مباشرة التصحيح له.
فما تعارف في هذه الأزمنة الأخيرة ـ وجرت سيرة طلاب العلوم فيها على طلب الراحة ـ من الاعتماد على تصحيح الغير ؛ اشتباه وغلط ، بعد وضوح كون مراجعة أحوال الرجال ، ومباشرة التصحيح مورثا لقوة الظن وزيادة الاطمئنان ، التي بنوا عليها إيجاب تقديم الأعلم في التقليد.
ومن هنا يلزم الاجتهاد في أحوال الرجال حسب الوسع والطاقة.
نعم ؛ لا بأس بالاعتماد على تصحيح الغير عند العجز عن مباشرة التصحيح أحيانا ، وأمّا الاعتماد على تصحيح الغير المبني على اجتهاده ، فربّما منع منه بعض الأواخر ، حيث قال : التحقيق التفصيل بين التصحيح المردّد بين كونه ناشئا عن اجتهاد أو إخبار ، أو المعلوم كونه اجتهاديا ، فلا يصحّ التعويل عليه ، وبين ما علم كونه ناشئا عن إخبار.
__________________
وبعبارة اخرى ؛ المشكوك في حصول شرط القبول له ـ أي العدالة أو الوثاقة ـ لا بدّ من إحرازها ؛ إما بالعلم أو ما يقوم مقامه ، ولا يصحّ إجراء الأصل هنا ـ أعني أصالة عدم المعارض ـ لوجود المانع منه ، ومنه يعرف ما في كلام صاحب العدة في الأصل وغيره ، فتدبر.