العدل الضابط إلى خصمه الشقي ؛ لأنّ فقد وصف العدالة يوجب تجويز ارتشائه من معاوية (١) ، وتغييره الرسالة أو الجواب. وفقد وصف الضبط يوجب تجويز تغييره لما أرسل به بزيادة شيء أو نقصانه.
لا يقال : إنّ ما ذكرته منقوض بإرسال أمير المؤمنين عليه السلام نفرا غير ثقات إلى معاوية في وقعة صفين .. وغيرها ، فأرسل جرير بن عبد اللّه البجلي ـ وهو من أكبر الخونة ومن أصحاب معاوية ، وممّن بقي معه في الشام ، وشهد معه صفين ـ وأرسل شبث بن ربعي ، وهو يعلم أنّه المبايع للضب بدلا عن بيعته .. وغير ذلك.
لأنّا نقول : إنّ غرضنا بما ذكرناه أنّ (٢) الأصل في الرسول أن يكون عدلا أمينا ضابطا ، فلا يرد النقض علينا بإرساله عليه السلام أحيانا رسولا غير ثقة لرسالة لا تقتضي العدالة مع اقتضاء الحكمة أرسال (٣) ذاك بعينه ، فلا تذهل.
ومنها : تولية الإمام عليه السلام رجلا على وقف ، أو على الحقوق الإلهية ؛ فإنّه لا يعقل توليته على نحو ذلك إلاّ العدل الثقة الأمين ، كما هو ظاهر.
ومنها : توليته عليه السلام رجلا على صقع أو بلدة ؛ فإنّه لا يعقل أن يولّي الإمام عليه السلام غير العدل المرضي على رقاب المسلمين ، وأموالهم ،
__________________
(١) لا وجه لتخصيصه بمعاوية ، إذ الكلام في الأعم.
(٢) في الخطية : وأن ..
(٣) سقطت كلمة (أرسال) من الطبعة الحجرية.