الفائدة التاسعة والعشرون
إنّه إذا أفادت الأخبار المعتمدة عدالة رجل أو حسن حاله ، ونصّ علماء الرجال على الجرح فيه ، فقد يتوهّم تقديم الأخبار فيه على تنصيص علماء الرجال ، ولا أرى لذلك وجها وجيها .. بل الذي يقتضيه النظر هو الأخذ بأقواهما إفادة للظن ؛ ضرورة أنّ المدار في التوثيقات والتراجم على ما يفيد الظن ـ كما نقّحنا ذلك في أوائل المبحث ـ فيلزم المجتهد تحري أقوى الظنين في الرجل.
نعم ؛ إن كان الجرح عائدا إلى الغلوّ ، فلا يكاد يخفى على النيقد البصير تقدّم الأخبار فيه على جرح علماء الرجال ؛ لأنّ الغالب قوة الظن الحاصل منها على الظن الحاصل من رميهم بالغلوّ ، لما نبّهنا عليه في الفائدة الخامسة والعشرين (١) ، من وضوح أنّ القدماء كانوا يعدّون غلوّا وارتفاعا جملة ممّا نعدّه اليوم من ضروريات مذهب الشيعة في حقّ أئمّتهم عليهم السلام.
ونقول ـ هنا توضيحا لما مرّ ـ : إنّ الذي دعا إلى كثرة رمي الرجال بالغلوّ أمران :
__________________
(١) في صفحة : ٢٨٩ ـ ٣٠٠ من هذا المجلّد ، وكذا لاحظ : الفائدة الحادية والعشرون ، صفحة : ٢٤١ ـ ٢٥٤.