أحدهما : ما سمعته ـ في الموضع المشار إليه ـ من الفاضل المجلسي رحمه اللّه من أنّ الأصحاب لمّا وجدوا نسبة الغلاة ترويجا لمذاهبهم الفاسدة إلى جمع من أصحاب الأئمّة ؛ كجابر ، والمفضّل بن عمر ، والمعلّى .. وأمثالهم ما هو غلوّ ، وكانوا بريئون ممّا نسب إليهم ، ولم يمكن إمكان (١) براءتهم التجأ الأصحاب ـ دفعا للأفسد بالفاسد ـ إلى أن يضعّفوا هؤلاء المنسوب إليهم ذلك ، كسرا للمذاهب الباطلة ، حتى لا يمكن أهلها إلزامنا بأخبارهم الموضوعة.
وقرينة الوضع عليهم دون غيرهم أنّهم كانوا أصحاب الأسرار ، وكانوا ينقلون معجزاتهم عليهم السلام ، فوضع الغلاة عليهم دون غيرهم.
وقد ذكرنا في طي بعض كلماتنا أنّ عادة أهل المذاهب الفاسدة قد جرت على الاهتمام بإدخال اسم جليل في جماعتهم ، ليقوّوا بذلك مذهبهم الفاسد ، كنسبة المتصوّفة التصوف إلى أمير المؤمنين عليه السلام ..! ونسبة الدراويش والقلندرية الشاربين للبنج ، والتاركين للفرائض أنفسهم إليه عليه السلام ..! فكما أنّ ذلك منهم كذب لا ينقص أمير المؤمنين عليه السلام فكذا نقل الغلاة عن جليل من الرواة الغلو لا يقدح فيه.
ثانيهما : اهتمام الأئمّة عليهم السلام ـ في الغاية ـ بإبعاد ساحة الباري سبحانه عن (٢) الشبه والشريك دعاهم إلى غاية التبري عمّا فيه رائحة ذلك ، بالمبالغة في تكذيب من يفوه من فيه رائحة ذلك.
__________________
(١) سقطت كلمة : إمكان ، من الطبعة الحجرية.
(٢) إلى هنا حصلنا على خطية الكتاب وطبقنا عليها.