الفائدة الحادية والعشرون (١)
إنّه لا يخفى على من تتبّع أحوال القدماء ـ سيّما القميين منهم ـ أنّهم كانوا يجرحون الرجل بأدنى شيء وينسبون إليه الانحراف في فروع اصول الدين بمجرّد رؤية رواية في كتابه دالّة عليه ، أو نسبه واحد ذلك إليه ، فيلزم المجتهد في الرجال أن يبذل جهده في تحقيق ذلك ، وأنّه إذا ثبتت عنده وثاقة الرجل ، وكونه إماميا بشهادة أهل الخبرة بذلك ـ كالنجاشي ، والشيخ ، والعلاّمة .. وأضرابهم ـ لا يقبل في حقّ الرجل تهمة فيما يرجع إلى فروع أصول المذهب أو الدين ؛ لأنّ الاعتماد على كلّ قول في حقّ كلّ أحد يوجب خروج حديثه من الصحيح إلى الموثق فلا يعتمد عليه من لا يقول بحجية الموثق ، ويلجئه ذلك إلى ترك حديثه والرجوع إلى الاصول والقواعد التي هي مرجع الحائر المحروم من وجدان الدليل ، فيكون وزر ذلك على من جرح الرجل بفساد المذهب.
مثال ذلك : إنّ أحمد بن محمّد بن نوح السيرافي ممّن وثّقه جماعة ممّن يعتمد عليه من علماء الرجال ، كالشيخ في الفهرست (٢) والرجال (٣) ، وابن شهر آشوب
__________________
(١) أقول : هناك نوع تداخل بين هذه الفائدة والفائدة الخامسة والعشرون ، ويا حبّذا دمجهما من المصنف طاب ثراه ، وإن كان بينهما نوع عموم من وجه لما سيأتي في تلك الفائدة في سبب الرمي بالغلوّ ، فلاحظ.
(٢) فهرست الشيخ : ٦١ برقم ١١٧.
(٣) رجال الشيخ الطوسي رحمه اللّه : ٤٥٦ باب من لم يرو عنهم عليهم السلام برقم ١٠٨.