ثمّ اعلم أنّ الرواة قد تنسب إلى القبيلة .. ونحوها (١)٠ ، وتلك عادة العرب قديما ، وإنّما حدث لهم الانتساب إلى البلاد والأوطان والقرى والنواحي لمّا توطّنوا فسكنوا القرى والمدائن وانتسبوا إليها (٢) ـ كالعجم ـ وضاعت الأنساب غالبا ..
وقد ينسب [الراوي] إلى الصحبة ، أو التبعية ، كالصحابي والتابعي (٣) ، وقد ذكرنا تفسيرهما في الفصل الثامن من مقباس الهداية (٤).
__________________
(١) أشار لهذا جمع من الرجاليين ؛ منهم : الجزائري في حاوي الأقوال ١/١٠٩ ـ ١١٠. قال : واعلم أنّ كثيرا من الرجال تارة يذكر منسوبا إلى أبيه ، وتارة إلى جده ، أو ينسب إلى بلد ، أو قبيلة في بعض المواضع ، وينسب في موضع آخر إلى غيرهما ، أو يكون له صفات متعددة فيذكر في بعض المواضع متصفا ببعضها ، وفي موضع آخر ببعض آخر .. ويتوهّم من هذا كلّه الاشتراك والتعدد ، والفرض الاتحاد.
(٢) فالساكن ببلدة ـ وإن قلّ ـ ينسب اليها ، ولو انتقل إلى اخرى ، فتارة ينسب إلى أحدهما وتارة ينسب إليهما مقدما للأول ، والساكن بقرية بلد بناحية إقليم ينسب إلى أيهما شاء ، وقد ينسب إلى المجموع ، وكثير ما ينسب إلى الصنعة.
(٣) وزاد السيد الأعرجي الكاظمي في عدّته ٢/١٦ ، هنا حيث قال : وهنا طريق آخر من النسبة ، وهو التخضرم ، والخضرمي [كذا ، والظاهر : المخضرم] : هو من أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي (ص) .. ثمّ ذكر بعد ذلك اقسام الرواية ؛ فيما روته الأكابر عن الأصاغر والعكس ، واللاحق عن السابق والعكس ، ورواية الأقران والمدبّج ـ وهي رواية الراوي عمّن هو دونه ـ .. وغير ذلك.
(٤) مقباس الهداية في علم الدراية ٣/٢٩٦ ـ ٣١٢ [الطبعة الاولى المحقّقة].