ولقد أوضح هذا المعنى بما لا مزيد عليه المحقّق البحراني (١) في ترجمة ابن عقدة ، فقال : الذي يظهر لي أنّ العدالة [المعتبرة في الراوي] (٢) لا تجامع فساد العقيدة ، وكيف يصحّ الحكم بعدالة من حكم جميع أصحابنا بتضليله وردّ شهادته ، وتخليد عذابه؟! بل حكم جميع (٣) أصحابنا بكفره ، وقد تظافرت الأخبار عن أهل البيت عليهم السلام بلعنهم وتضليلهم ، وقد تقرّر في موضع أليق أنّه يمتنع من أن يكلّف اللّه سبحانه ما (٤) لم ينصب عليه دليلا قاطعا ، وحجّة واضحة ، وأنّ المخالف في العقائد الدينية آثمّ مقصّر أو معاند ، وإليه يومي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا) (٥).
__________________
وللسيد الأعرجي في العدة ١/١٠٣ تفصيل بين المتأخرين ـ الذين لا مرجع لهم إلاّ اصول السابقين ، ولم يعثروا على ما يبلغ بالممدوح إلى التوثيق ـ قال : وأما المتقدمين ؛ فقد يجوز أن يكون عندهم عدلا وكذلك المجهول ؛ إذ ليس كل ما جهلنا مكانه مجهولا عندهم ، فلا يكون عملهم به منافيا لاشتراط العدالة ، بل المجروح الذي لم يتفقوا على جرحه كذلك ، لجواز أن يكون الآخذ بخبره من كان يزكيه ..
وفيه ما لا يخفى ؛ وتصحيح الحديث أعم من تصحيح المحدث ، فتدبر ، وكيف يصح ذلك فيمن اتفق على قدحه؟!
(١) معراج أهل الكمال في معرفة الرجال : ١٦٧ ـ ١٧٣ باختلاف ليس باليسير ، وقد ذكرنا ما فيه من فروق مهمة مع ما هنا وما جاء في مصادره.
(٢) ما بين المعقوفين مزيد من المصدر.
(٣) في المعراج : جمع من ، بدلا من : جميع ، وهو الظاهر.
(٤) في المصدر : بما ، وما هنا ظاهر.
(٥) سورة العنكبوت (٢٩) : ٦٩.