ثمّ لا يخفى عليك أنّ مثل الرمي بالغلوّ ـ في كثرة وقوع الخطأ والاشتباه فيه من أصحابنا ـ الرمي بالوقف ، حيث عدّوا اشتغال الرجل بالفحص عن إمامه الحاضر بعد فوت الإمام السابق عليه السلام (١) وقفا ، مع أنّ زمان الفحص والبحث زمان العذر ، وليس الوقف إلاّ نفي إمامة المتأخّر دون التوقف إلى أن تقوم الحجّة ويتمّ البرهان على إمامته ، لتكون الهداية عن بيّنة دون الجزاف ، وإن استوفيت ما في التراجم واستقصيت جملة وافية من الأخبار بان لك ما قلناه بيان الشمس في رابعة النهار.
* * *
__________________
التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة ..
ومع هذا ؛ إن كان الغلّو باعتقاد الربوبية في حق المعصوم فهو يوجب الكفر ، ويقتضي ردّ الرواية ، لكن هذا ينحصر بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام إذ ندر وقوعه لغيره ؛ وإن كان يظهر من صاحب الذخيرة فيها صفحة : ١٥٠ ذلك ، ولو كان لكان الغالي كافرا مطلقا .. والظاهر من الغلّو غير اعتقاد الربوبية. وهو لا يوجب الفسق بحال فضلا عن ردّ الرواية ، إذ ليس هو ارتكاب لكبيرة ولا إصرار فيه على صغيرة ، وهو ليس بالكفر ؛ بمعنى عدم الاعتقاد ببعض الاصول أو إنكار بعض الضروريات ، واعتقاد مرتبة عالية من الإمام عليه السلام لا يستلزم منه عدم الاعتقاد ببعض الاصول ولا خفاء ، ولا يكون داخلا في إنكار الضروري ، غايته الاجماع على فساد مثل هذا الاعتقاد ، وهو ـ بلا ريب ـ لا يوجب الكفر ، ونسبة الغلّو تأتي بواسطة الاعتقاد بما زعم الرامي بالغلّو فساده .. وقد اسهبنا الحديث عنه في مستدركاتنا على مقباس الهداية ، فراجع.
(١) زيد (عليه السلام) من الخطية ، ولم يرد في الطبعة الحجرية.