وهمتهم عليهم السلام دائما إخفاء حقيقة مراتبهم من الناس حفظا لدمائهم من الأعداء ، ولعقائد شيعتهم من الغلوّ ، والقول فيهم بما يمسّ ساحة الربوبية جلّ وعلا ، وينافي مرتبتهم في العبودية للّه تعالى التي أوصلتهم إليها العبادة والطاعة الكاملة ، وكانوا مصرين على إبعاد أنفسهم عمّا يزيد على مرتبة العبودية خوفا من سلب اللّه تعالى عنهم ما هم عليه من الرتبة العالية ، وقد تبرأوا من الغلاة تبريا أكيدا ، وجعلوهم شرا من اليهود والنصارى والذين أشركوا (١).
وصرّحوا عليهم السلام بأنّ : «.. عزيرا جال في صدره ما قالت [فيه] اليهود ، فمحى اللّه تعالى اسمه من النبوّة» (٢).
وحلفوا عليهم السلام بأنّ عيسى لو أقرّ بما قالت فيه النصارى ، لأورثه اللّه
__________________
(١) كما رواه الشيخ الطوسي في أماليه : ٦٥ برقم ١٢ ـ وعنه العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحاره ٢٥/٢٦٥ ـ ٢٦٦ حديث ٦ ـ وكذا الخصال ومناقب ابن شهر آشوب ١/٢٦٣ [طبعة قم ، وفي الطبعة الاولى ١/٢١٣] عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال : «احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم ، فإنّ الغلاة شرّ خلق اللّه .. واللّه إنّ الغلاة لشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين اشركوا ..».
بل لو قلنا بانصراف حديث الكشي في رجاله : ٢٩٧ حديث ٥٢٨ من قوله عليه السلام : «إنّ ممّن ينتحل هذا الأمر لمن هو شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا»إليهم ، لما كان بعيدا ، كما وقد قيل ذلك.
(٢) كما في رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال) : ٣٠٠ حديث ٥٣٨ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٥/٢٩٤ حديث ٥٣.