وقد وقع في العبارات كثيرا : القضاة والمعدّلون ، ومنه قولهم (١) : أرسلوا إلى دار العسكري عليه السلام ـ قبل وفاته ـ المعدّلين ليعرفوا خبره وخبر ولده عليه السّلام.
وحينئذ فمن وصفوه ب : المعدّل ينبغي البناء على وثاقته إن كان إماميا ، وموثقيته إن كان عاميا ؛ لما عرفت من أنّهم لم يكونوا يعيّنون إلاّ عدلا عند جميع الناس .. ومن بنى الناس جميعا على عدالته فالظاهر عدالته ، واللّه العالم (٢).
__________________
(١) كما في اصول الكافي ١/٥٠٤ ـ ٥٠٥ ، وعنه في بحار الأنوار ٥٠/٣٣٧ ، وكذا في الإرشاد ٢/٣٢٣ [الطبعة المحقّقة] ، وإعلام الورى : ٣٧٨ ، وروضة الواعظين ١/٢٥١ ، والغيبة للشيخ الطوسي : ٢١٨ ، وكشف الغمة ٢/٤٠٩ ، وإكمال الدين ١/٤٣ .. وغيرها. ومن هنا عبّر ابن الجوزي في التاريخ عن ابن إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد الطبري المالكي ـ كما قاله ابن أبي الحديد في شرحه ١/٣٤ ـ : كان شيخ الشهود والمعدّلين ببغداد ومتقدمهم وسمع الحديث .. إلى آخره.
وقد عطفت كلمة الشهود على المعدلين كثيرا ، كما في فرحة الغري : ١٣٥ ، وشرح النهج ٩/٣٠٧ .. وغيرهما.
(٢) أقول : يصعب الأخذ بإطلاق كلامه ـ على في الفردوس مقامه ـ لما تعارف عندهم من أن لفظ (الناس) يراد به جمهور العامة وجمعهم ، وإنّما يتمّ كلامه طاب ثراه على القول بأنّ لفظ المعدل اسم مفعول لا ما لو كان اسم فاعل ، ولا يخفى أنّ ميزان التعديل عند حكام الجور وقضاتهم يختلف عمّا نحن عليه ؛ إذ هم يوثّقون ويقرّبون من يرتضونه لأنفسهم ، وأنّهم يطلقون اللفظة على جلاوزتهم وأزلامهم ومن يرتضي منهم سياستهم وأفكارهم ـ ككل الحكام ـ.
والذي نظنه هو أنّ اللفظة أقرب للذّم منها للمدح ، بل لا تفيد المدح قطعا إلاّ فيما لو صدرت من أعلامنا وثقاتنا على نحو الحكم لا الحكاية ، وهذا ما لا نعرفه من علمائنا