فقال : أسكت لا أم لك ، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ، ما كنت آمنه (١) أن يضرب وجهى غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم .
فلما نظر إلى ذلك مخارق المغني دخله في ذلك غيظ ، فقام إلى الرشيد فقال : يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة وأكثر أهلها يطلبون مني شيئاً، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئاً لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي ومنزلتي عنده ، فأمر له بعشرة آلاف دينار ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا لأهل المدينة، وعلى دين أحتاج أن أقضيه ، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، بناتي أريد أن أزوجهنَّ وأنا محتاج إلى جهازهن ، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى ، فقال له : يا أمير المؤمنين لا بد من غلة تعطينيها ترد على وعلى عيالي وبناتي وأزواجهن القوت ، فأمر له بأقطاع ما تبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له (٢) من ساعته .
ثم قام مخارق من فوره وقصد موسى بن جعفر عليهالسلام وقال له : قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون وما أمر لك به ، وقد احتلت عليه لك ، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار، وأقطاعاً تغل في السنة عشرة آلاف دينار ، ولا والله يا سيدي ما أحتاج إلى شيء من ذلك ، وما أخذته إلا لك، وأنا أشهد لك بهذه الأقطاع ، وقد حملت المال إليك .
__________________
(١) في المطبوع والحجرية ونسخة (ك) : آمنته ، وما في المتن أثبتناء من بقية النسخ . وهو الموافق للبحار .
(٢) في المطبوع والحجرية : عليه ، وما أثبتناه من النسخ الخطية ، وهو الموافق للبحار.