يكون من السباع فافترست ذلك المعزم، فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم ، فطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه .
فلما أفاقوا من ذلك ، قال هارون لأبي الحسن عليهالسلام : سألتك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل ، فقال : «إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم ، فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل»، فكان ذلك أعمل الأشياء في إفاتة نفسه (١) .
[٩٤ / ٢] حدثنا أبي رضياللهعنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن الحسن بن محمد بن بشار ، قال : حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ـ ممن كان يقبل قوله ـ قال : قال لي : رأيت بعض من يقرون بفضله من أهل هذا البيت ، فما رأيت مثله قط في نسكه وفضله . قال : قلت : من ؟ وكيف رأيته ؟ قال : جمعنا أيام السندي بن شاهك ، ونحن ثمانون رجلاً، فأدخلنا على موسى بن جعفر عليهماالسلام ، فقال لنا السندي : يا هؤلاء أنظروا إلى هذا الرجل ، هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون أنه فعل به مكروه ويكثرون في ذلك، وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ، ولم يرد به أمير المؤمنين سوءاً وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره أمير المؤمنين ، وها هو ذا صحيح فسلوه .
فقال : « أما ما ذكر من التوسعة فهو على ما ذكر ، غير أني أخبركم أيها النفر كأني قد سممت في تسع تمرات، وإني أخضر (٢) غداً ، وبعد غد
__________________
(١) ذكره المصنف في الأمالي : ٢١٢ / ٢٠ ، وأورده الفتال النيشابوري في روضة الواعظين : ٢١٥ ، وابن شهر آشوب في المناقب ٤ : ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، ونقله المجلسي عن العيون والأمالي في البحار ٤٨ : ٤١ / ١٧ ، و ٤٢ / ١٨ ، عن المناقب .
(٢) في حاشية (ع) في نسخة : أحتضر.