ثم ملك بعد الرشيد محمد ـ المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ـ ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ثم خلع الأمين وأجلس عمه ابراهيم بن شكلة أربعة عشر يوماً ، ثم أخرج محمد بن زبيدة من الحبس، وبويع له ثانية ، وجلس في الملك سنة وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوماً .
ثم ملك عبد الله المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً ، فأخذ البيعة في ملكه لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام بعهد المسلمين من غير رضاه، وذلك بعد أن هدده (١) بالقتل، وألح عليه مرة بعد أخرى، في كلها يأبى عليه حتى أشرف من تأبيه على الهلاك فقال عليهالسلام :
اللهم إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة، وقد (٢) أشرفت من قبل عبدالله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده، وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليهماالسلام إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه .
اللهم لا عهد إلا عهدك ولا ولاية لي إلا من قبلك فوفقني لإقامة دينك وإحياء سنة نبيك فإنك أنت المولى وأنت النصير ، ونعم المولى أنت ونعم النصير .
ثم قبل عليهالسلام ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين ، على أن لا يولي أحداً ، ولا يعزل أحداً ، ولا يغير رسماً ولا سنة ، وأن يكون في الأمر مشيراً (٣) من بعيد ، فأخذ المأمون له البيعة على الناس، الخاص منهم والعام فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا عليهالسلام فضل وعلم وحسن تدبير، حسده
__________________
(١) في نسخة (ج ، ه ، ر): تهدده .
(٢) في المطبوع والحجرية زيادة : أكرهت واضطررت كما .
(٣) في نسخة (ج) : مسيراً.