فضل موسى بن جعفر عليهماالسلام ، وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته ، واختلافهم في السر إليه بالليل والنهار، خشية على نفسه وملكه ، ففكر في قتله بالسم ، فدعا برطب فأكل منه .
ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة ، وأخذ سلكاً فعركه في السم وأدخله في سم الخياط ، وأخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردد إليها ذلك السم بذلك الخيط حتى قد علم أنه قد حصل السم فيها ، فاستكثر منه ، ثم ردها في ذلك الرطب، وقال لخادم له : إحمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر ، وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب، وتنغص لك به ، وهو يقسم عليك بحقه لما أكلتها عن آخر رطبة ، فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه يبقى منها شيئاً ولا تطعم منه أحداً .
فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له : إنتنى بخلال فناوله خلالاً ، وقام بإزائه وهو يأكل من الرطب، وكانت للرشيد كلبة تعز عليه ، فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت (١) موسى بن جعفر عليهالسلام ، فبادر بالحلال إلى الرطبة المسمومة، ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها ، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وعوت وتهرت قطعة قطعة . واستوفى الله باقي الرطب، وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد ، فقال له : قد أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فكيف رأيته ؟ قال : ما أنكرت منه شيئاً يا أمير المؤمنين .
قال : ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنها قد تهرت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقاً شديداً واستعظمه، ووقف على الكلية فوجدها متهرئة بالسم ،
__________________
(١) في حاشية ك في نسخة : جاءت .