فأحضر الخادم ودعا بسيف ونطع ، وقال له : لتصدقني عن خبر الرطب أو لأقتلنك ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إني حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك ، وقمت بإزائه ، وطلب مني خلالاً فدفعته إليه ، فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها ، حتى مرت الكلية ، فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة ، وأكل هو باقي الرطب ، فكان ما ترى يا أمير المؤمنين .
فقال الرشيد : ما ربحنا من موسى أنا أطعمناه جيد الرطب ، وضيعنا سمنا ، وقتل (١) كلبتنا ، ما في موسى بن جعفر حيلة ؟!
ثم إن سيدنا موسى عليهالسلام دعا بالمسيب ـ وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام ، وكان موكلاً به ـ فقال له : «يا مسيب ، قال : لبيك يا مولاي ، قال إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة ـ مدينة جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ لأعهد إلى علي ابني ما عهده إلى أبي ، وأجعله وصبي وخليفتي ، وأمره بأمري .
قال المسيب فقلت : يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب وأقفالها، والحرس معي على الأبواب ؟! فقال : يا مسيب، ضعف يقينك في الله عز وجل وفينا، قلت: لا ياسيدي ، قال : «فمه»، قلت : يا سيدي ، أدع الله أن يثبتني، فقال: «اللهم ثبته»، ثم قال: «إني أدعو الله عز وجل باسمه العظيم الذي دعا به أصف حتى جاء بسرير بلقيس ، ووضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه، حتى يجمع بيني وبين ابني على بالمدينة».
قال المسيب : فسمعته عليهالسلام يدعو ، ففقدته عن مصلاه ، فلم أزل قائماً على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأعاد الحديد إلى رجليه ، فخررت
__________________
(١) في حاشية ك في نسخة ونسخة (ر) : وقتلنا .