وتخفّفاً منه ، فخرج عليهالسلام حتى لحق به فأخبره بما قالوا ، فقال : كذبوا ... فهل يعقل أنْ يخبره في هذه الحالة بنفي الخلافة التي هي أعظم المنازل وأجلّ الفضائل؟!
وبالجملة ، في المثال الذي ذكره يوجد طلب وافتراح من الإنسان الآخر ، ولا يوجد طعنٌ عليه من أحد ، فلم يقبح من الإمام الثاني عدم توليته البلدة الأخرى ... فالمثال لا علاقة له بما نحن فيه.
ولو فرضنا أنّ الإنسان الآخر لم يطلب من الإمام الثاني تولية بلدةٍ أخرى ، بل طعن أعداؤه فيه بسبب توليته البلدة المعيّنة فقط ، وقالوا : بأن الإمام الثاني إنما ولاّه أمارة تلك البلدة لأجل إبعاده وطرده عن مركز الخلافة والإمامة ، لشدّة كراهيّته له ... فتألّم هذا الإنسان ممّا قالوا في حقّه وانكسر خاطره ، حتى حضر عند الإمام الثاني فأبلغه مقالتهم ... ففي هذه الحالة لو قال الإمام الثاني : أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة من تولّى هذه البلدة في حال حياة الإمام الأول ولم يكن خليفةً عنه من بعده ، فلا تنال ولاية هذه البلدة وغيرها من البلاد من بعدي؟! كان هذا الكلام مستقبحاً مستنكراً جدّاً ، لا يسلّيه ولا يطيّب خاطره أصلاً ، بل كان بالعكس مؤيّداً ومؤكّداً لما قاله الأعداء فيه ... لا سيّما وأنه إذا كان هذا الإنسان الآخر من أخص خواص هذا الإمام الثاني ، وكان متّصفاً من أوّل يومٍ بعوالي الفضائل السامية ، وجلائل المناقب الراقية ، باذلاً في امتثال أوامره ونواهيه من مهجته ، مدافعاً عنه في جميع المواقف أعدائه ... وكان الإمام الثاني مشيداً دائماً بخدمات هذ الإنسان الآخر ـ وهو صهره وابن عمه أيضاً ـ معلناً مكارمه ومناقبه حتى نزّله منزلة نفسه ، ...