ابن عباس : يكتب الخير والشرّ. يحرّفون يزيلون ، وليس أحد يزيل لفظ كتابٍ من كتب الله عزّ وجل ، ولكنهم يحرّفون يتأوّلونه على غير تأويله » (١).
قال ابن حجر بشرحه : « قوله : وليس أحد يزيل لفظ كتابٍ من كتب الله تعالى ، ولكنّهم يحرفونه يتأوّلونه من غير تأويله. في رواية الكشميهني : على غير تأويله.
قال شيخنا ابن الملقّن في شرحه : هذا الذي قاله أحد القولين في تفسير هذه الآية ، وهو مختاره أي البخاري ، وقد صرّح كثير من أصحابنا بأنّ اليهود والنصارى بدّلوا التوراة والإنجيل ، وفرّعوا على ذلك جواز امتهان أوراقهما ، وهو يخالف ما قاله البخاري هنا. انتهى وهو كالصريح في أن قوله : وليس احد إلى آخره ، من كلام البخاري ، ذيّل به تفسير ابن عباس ، وهو يحتمل أنْ يكون بقيّة كلام ابن عباس في تفسير الآية » (١).
وقال العيني : « ثم شرعوا في تحريفها وتبديلها كما قال الله تعالى : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ ) آل عمران ٣ : ٧٨ الآية ، فقد أخبر الله تعالى أنّه يغيّرونها ، ويأوّلونها ، ويضعونها على غ ير مواضعها ، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.
وأما تبديل ألفاظها فقال قائلون : إنها جميعاً بدّلت ، وقال الآخرون : لم تبدّل ، واحتجّوا بقوله تعالى : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ) المائدة ٥ : ٤٣ ولكن هذا مشكل على ما يقوله كثير من المتكلمين وغيرهم : إنّ التوراة انقطع تواترها في زمان بخت نصر ، ولم يبق من يحفظها إلاّ العزيز عليهالسلام ، ثم العزيز كان نبيّاً فهو معصوم ، والرواية إلى المعصوم تكفي ، اللهم إلاّ أن يقال : لم تتواتر إليه ، لكن بعده زكريا ويحيى وعيسى ـ عليهمالسلام ـ كلّهم كانوا
__________________
(١) صحيح البخاري ٢٨٤ ـ ٢٨٥.
(٢) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١٣ / ٦٤٠.