متمسّكين بالتوراة ، فلو لم تكن صحيحة معمولة لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون.
والقول بأنّ التبديل وقع في معانيها لا في ألفاظها ، حكاه البخاري عن ابن عباس في آخر كتابه الصحيح ، وحكاه فخر الدين الرازي عن أكثر المفسرين والمتكلّمين » (٢).
وقال الرازي بتفسير : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ) البقرة ٢ : ١٧٢ « المسألة الثالثة : إختلفوا في كيفية الكتمان ، فالمروي عن ابن عباس أنهم كانوا محرفين يحرّفون ظاهر التوراة والإنجيل ، وعند المتكلمين هذا ممتنع ، لأنهما كانا كتابين بلغا في الشهرة والتواتر إلى حيث يتعذّر ذلك فيهما ، بل كانوا يكتمون التأويل » (١).
وقال بتفسير : ( مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ) النساء ٤ : ٤٦ : « فإن قيل : كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور في الشرق والغرب؟
قلنا : لعله يقال : القوم كانوا قليلين ، والعلماء بالكتاب كانوا في غاية القلّة فقدروا على هذا التحريف.
والثاني : إن المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة والتأويلات الفاسدة ، وصرف اللفظ من معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية ، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذهبهم. وهذا هو الأصح » (٢).
وقال السيوطي : « أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وهب بن منبه قال : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله ، لم يغيَّر منهما حرف ، ولكنهم يضلّون
__________________
(١) عقد الجمان ـ فل في تحريف أهل الكتاب.
(٢) تفسير الرازي ٥ / ٢٨.
(٣) تفسير الرازي ١٠ / ١١٧ ـ ١١٨.