بالتحريف والتأويل ، والكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ( وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ال عمران ٣ : ٧٨ فأمّا كتب الله فإنها محفوظة لا تحوّل » (١).
وقال المقبلي ـ في ( الأبحاث المسددة ) ـ : « قوله : ( وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) الحجر ١٥ : ٩ في الكشاف : إنه ردّ لاستهزائهم بقوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ) الحجر ١٥ : ٦ أي نزل به جبرئيل عليهالسلام محفوظاً عن الشياطين ، حتى بلغ إليك.
ثم إن صاحب الكشاف أدخل في الحفظ في الحفظ حفظه عن التحريف. وقال صاحب الإنتصاف : يحتمل أن المراد حفظه من الإختلاف ، كقوله تعالى : ( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء ٤ : ٨٢.
واعلم أن هذا مطلق يصدق على كلّ وجه ، وعلى أقل ما يحصل به معنى الحافظ ، فالعدول إلى تعيين التعميم أو التخصيص بلا دليل ، تحكم.
ثم قد فرّعوا على صيانته من التحريف اختصاصه ، وأنه قد دخل ذلك في سائر كتب الله تعالى ، وليس لهم على ذلك دليل قطعي ، بل ولا ظنّي ، والصيانة من التحريف تحصل بتوفّر الدواعي على نقله ، وسائر كتب الله تعالى مساوية له في ذلك ، بل هي أولى ، لوجود الأشياء المتكاثرة في كل عصر ، بخلافها اليوم. هذا إنْ اريد الجملة وعمدة التفاصيل.
وإنْ اريد أدقّ ديقيق ، كرفعه وخفضه ونصبه وزيادة حرف مدٍّ مثلاً ونقصه ، فلا تتم الحراسة عن ذلك ، وكيف ، وهذه القراآت قد كثرت كثرةً كثرةً ، لا سيّما على من يقبل ما يسمّونه الشاذ ، ولا نسلّم أن العادة تقضي بحفظه عن ذلك.
وأمّا دعواهم على سائر كتب الله تعالى أنها محرّفة عموماً ، اجترأ عليها كثير من مفرّعة الشافعية ، بأنّه لا يجوز الإستنجاء بالتوراة والإنجيل ، أو كثيراً كما يزعم كثير ، فلا دليل لهم عليه.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ / ٢٤٩.